وإذا أردنا أن نعرف الفرق بين الحلال والحرام نضرب هذا المثل: أنت إن أعجبك شيء في بيت جارك، وطلبته منه وأعطاك إياه، فأنت لا تخشى أن يعرف الناس ما حدث. ولكن إذا أعجبك شيء في بيت جارك وأردت أن تسرقه، فأنت لا تأتي في النهار ولا أمام الناس، بل تأتي ليلاً وتحرص على ألا يراك أحد.
ولا تدخل من باب الشفقة، بل تظل تدور وتخطط لتجد منفذاً تدخل منه دون أن يراك أحد. وتضع خطة للسرقة. وتدخل المنزل على أطراف أصابعك وأنت ترتعد. فإذا شعرت وأنت تنفذ الخطة بصوت أقدام تنزعج وتجري لتختبئ وتأخذ الشيء وتكون حريصاً على إخفائه وإن رآه أحد عندك انزعجت، وكل هذا عذاب يمر به كل من يجمع المال الحرام، إذن فجمع المال الحرام عذاب.
وكل من يربي أولاده من مال حرام لا يبارك الله لهم فيهم، فإما أن ينشأ الواحد منهم عذاباً لأبيه في تربيته فيرسب في الامتحانات. ويُتلف المال في الإنفاق بلا وعي. فكلما أعطيته أكثر احتاج إلى المزيد من المال أكثر. ومثل هذا الابن لا يطيع أباه. ويكون العذاب الأكبر حينما ينشأ أحد أبناء هذا الإنسان ويكون الابن مؤمناً إيماناً صادقاً بالله، فيرفض أن يأكل أو يلبس من مال أبيه، أو أن يناقشه من أين جاء بهذا المال ويسمع منه ما يكره، ويتمرد دائماً عليه.
وفي عهد رسول الله صلى الله عليه سلم كان أبو عامر عدواً لله ورسوله. وكان ابنه حنظلة مؤمناً، وكلما رأى أبو عامر ابنه كان قلبه يغلي بالغيظ، وعندما نودي للقتال، وسمع حنظلة نداء الجهاد بعد أن فرغ من الاستمتاع مع زوجته فلم يصبر إلى أن يغتسل من الجنابة، بل سارع إلى الحرب