فإذا قلنا: إن هناك وجوداً فيه أزل وليس فيه أبد، نقول: إن هذا ممتنع عقلاً؛ لأن الذي لا تكون له بداية لا تكون له نهاية. أي: يكون دائم الوجود.
إذن: فيبقى أن يكون الوجود له أبد وليس له أزل، أي: له بداية وليس له نهاية. ونقول: إن هذا يجتمع في اثنتين؛ الآخرة والإنسان؛ الإنسان له بداية وهي تاريخ خَلْقه، وليس له نهاية؛ لأنه بعد أن يموت يُبعَثُ مرة أخرى، إما أن يخلد في النعيم، وإما أن يُعذَّبَ قليلاً، ويدخل الجنة وإمّا يخلد - والعياذ بالله - في النار.
وكذلك الآخرة لم يأت زمنها بعد. إذن فهي لم تبدأ بعد، ولكنها متى بدأت فليس لها نهاية؛ لأن هناك حياة أبدية في الجنة أو في النار. إذن: فالإنسان والآخرة اشتركا في شيء واحد، ولا بد أن يربط الإنسان نفسه بالآخرة؛ فالذي يأخذ الدنيا إنما أخذ شيئاً له بداية ونهاية، ولكن الذي يطبق منهج الله ويعبده عن حب واختيار أخذ مَنْ لا بداية له ولا نهاية له.
والذي عمل للآخرة، عمل لما لا نهاية له أو للذي سيخلد فيه، وتكون فيه حياته الحقيقية.
ولذلك حين نقرأ قول الحق سبحانه وتعالى:{وَإِنَّ الدار الآخرة لَهِيَ الحيوان لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ}[العنكبوت: ٦٤] .
نعرف أن الحياة الحقيقية هي في الآخرة وليست الدنيا؛ لأن الغايات في أي شيء يجب أن تكون متساوية، فمثلاً: إذا أردنا أن نصنع كُرْسياً. فالغرض من الكرسي أن نجلس عليه. إذن: فكل الكراسي مهما اختلَفت أشكالها وألوانها لها غاية واحدة وهي أن نجلس عليها. والإنسان غايته