أي: كُلٌّ له مهمة في الحياة، واقتضتْ حكمته سبحانه في خلق الكون أن يجعل كل شيء يخدم الإنسان؛ الجماد يخدم الإنسان، وكذلك النبات، وكذلك الحيوان، حتى يكون الإنسان مستنجياً لمنهج الله ولعبادته. وكذلك اقتضتْ الحكمة أيضاً أن يخلق الله سبحانه وتعالى أشياء لا تستجيب للإنسان؛ حتى يعرف الناس أن هذا الكون ليس مُذلَّلاً بقدراتهم هم، بل بقدرة الله سبحانه وتعالى؛ لأن الحق سبحانه وتعالى يقول:{كَلاَّ إِنَّ الإنسان ليطغى أَن رَّآهُ استغنى}[العلق: ٦ - ٧]
فتجد مثلاً الجمل بضخامته ينقاد لطفل صغير، بينما الثعبان الصغير على دِقَّة حجمه لا يجرؤ الإنسان أن يقترب منه.
وفي الوقت نفسه، فإن هذه الحكمة تقتضي أن يحس الإنسان أن قدراته وقوته موهوبة له من الله سبحانه وتعالى، وأنها ليست من ذات الإنسان.
ولذلك يخلق الله أناساً ضعافاً لا يقدرون على الكسب، ليلفت أنظارنا إلى أن قوة القوى هي هبة من الله، وليست في ذاتية الإنسان، وإلا لو كانت ذاتية في الإنسان ما وُجد عاجز. ولا بد أن يفهم كل قوي أن قوته هبة من الله يمكن أن تسلب منه فيصبح ضعيفاً مثل من يراهم أمامه من ضعاف البشر.
والضعيف غير القادر على العمل، والأعمى غير القادر على الكسب، والكسيح غير القادر على السير، كل هؤلاء موجودون في الكون ليلفتوا الأصحاء والأقوياء إلى أن الصحة والقوة من الله، فلا يغتر الأصحاء والأقوياء بأنفسهم ويرتكبوا المعاصي، بل عليهم أن يخافوا الله، فسبحانه الذي أعطى يستطيع أن يأخذ.