لذلك يقول سبحانه وتعالى:{وَعَدَ الله المؤمنين والمؤمنات جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهار خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ}
إذن: فالحق سبحانه وتعالى وعد المؤمنين والمؤمنات بالجنة، والجنة تطلق على البستان والأماكن الجميلة تملؤها الزهور والأشجار، وهذه عامة للمؤمنين يتمتعون بها جميعاً، ثم يأتي قوله تعالى:{وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ} وهذه المساكن زيادة على هذه الجنة، وهنا وعد من الله لكل مؤمن بجنة خاصة بمفرده يكون له فيها مسكن طيب.
إذن: فعندنا جنات، وهي لجميع المؤمنين، ثم مساكن طيبة، أي مسكن طيب لكل مؤمن، وما هو الطيب في هذه المساكن؟
لنا أن نلاحظ أن الإنسان يحب الشيوع أولاً، ثم يحب الانكماش ثانياً، وإذا أراد أن يملك فهو يريد أن يملك مكاناً متسعاً خاصاً به، ثم يخصص في هذا المكان مأوى طيباً خاصّاً به.
وقول الحق سبحانه وتعالى:{وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً} أي: ليس فيها ما يسيء أو يضايق، بل كل ما فيها يملأ النفس بالسرور والبهجة. وكلمة «جنة» هي المكان الذي فيه زروع وخضرة، وهذه الزروع تسترك وتخفيك عن الأعين، أو أنها تسترك فلا تحتاج إلى أن تخرج منها؛ لأن فيها كل مقومات حياتك من طعام وشراب. والحق سبحانه وتعالى أطلق لفظ «الجنة» على بساتين الأرض، فقال:{أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَن تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ ... }[البقرة: ٢٦٦]
ويقول تعالى أيضاً:{إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَآ أَصْحَابَ الجنة ... }[القلم: ١٧]