للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وسبحانه وتعالى حين يريد أن يعطينا صورة عن الجنة التي وعد بها المتقين فهو يوضح: أنتم لا تستطيعون أن تأخذوا هذه الصورة من لغتكم؛ لأن لغتكم قاصرة فأنتم لم تروا هذه الأشياء، ولم تسمعوا عنها ولا تستطيع عقولكم أن تستوعب ما في جنة الآخرة؛ لأن فيها ما لم يخطر على قلب بشر. ولذلك فهو سبحانه وتعالى يعطينا فقط مثلاً ليقرب لنا الصورة فلا يقول الجنة، وإنما يقول: {مَّثَلُ الجنة التي وُعِدَ المتقون} [محمد: ١٥]

أي: أن هذا مثل فقط يقرب الصورة، ولكنه ليس حقيقة ما هو موجود في الجنة.

وهنا يقول سبحانه: {وَعَدَ الله المؤمنين والمؤمنات جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهار} و {جَنَّاتٍ} جمع «جنة» . ومادة الجيم والنون هذه مأخوذة من الستر والتغطية. اقرأ قول الحق سبحانه وتعالى: {فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ الليل رَأَى كَوْكَباً قَالَ هذا رَبِّي فَلَمَّآ أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الآفلين} [الأنعام: ٧٦]

يعني: ستر وأظلم، والجنون ستر العقل. والجنة تستر من فيها؛ لأن أشجارها كبرت ونمت وترعرعت. بحيث يكون من يسير فيها مستوراً بأغصان الشجر وأوراقه؛ فلا يراه أحد. ويكون مستوراً في كل مطلوبات حياته. فلا يحتاج أن يخرج منها؛ لأن فيها كل مطلوبات الحياة من الماء والطعام والمكان يجلس أو يتريض فيه، وغيرها من النعم التي أنعم الله بها عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>