يزداد الرقي، فيبحث عن شقة واسعة، فإذا ارتقى كان له مسكن خاص (فيلا) ، فإذا ارتقى جعل حول مسكنه حديقة، وهكذا يزداد الرقي.
إذن: فالمسألة لم تَعُدْ مكاناً تأوي إليه فقط، بل ترتقي في الإيواء كلما ارتقيت في الحياة. فتتحقق لك المتعة في الإيواء، وهذا موضوع آخر.
ولهذا يقول الحق سبحانه:{وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً} أي: هناك جنات وهناك مساكن؛ لأن الإنسان يحب في بعض الأوقات أن يجلس بمفرده وحوله المتعة التي تخصه، وفي أحيان أخرى يحب أن يجلس مع الناس في مكان جميل؛ مثلما يحدث في الأعياد والمناسبات، عندما نخرج إلى الحدائق والبساتين، ونجلس معاً، فكأن الجنات هي للرفاهية الزائدة؛ عندما تحب أن تجتمع مع الناس؛ أتمتع بها أنا وأنت وغيرنا. أما المساكن فهي للخصوصية. فيكون لكل واحد مكان خاص يجلس فيه ويتمتع بما حوله.
إذن: فالجنات صورة من البساتين، ولكنها ليست مصنوعة بالأسباب، بل هي من صناعة المسبب جل وعلا.
ونحن حينما نذهب إلى بيت إنسان ثري، قد نجد أن للبيت حديقة؛ يشرف عليها بستاني متمكن من عمله؛ ويقوم بتنسيق الزهور والأشجار بشكل يناسب ثراء المالك. ويكون إعجابنا في هذه الحالة بالحديقة إعجاباً كبيراً، بحيث نجلس فيها، ونكره أن نغادرها، فإذا كان هذا هو ما يحدث بقدرات البشر، فكيف بهذه الحقائق التي صُنعت بقدرة الله سبحانه وتعالى؟ وكيف يكون جمالها وحلاوتها والمتعة فيها؟
إن الذي وعدنا بهذه الجنات هو الحق سبحانه وتعالى. وهو قادر على أن ينفذ ما وعدنا به، من جنات فيها من الكماليات والرفاهية مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر. وجعل هذه الجنات واسعة شاسعة، فيها زروع وأزهار وأشكال؛ تسرُّ العين بجمالها، وتمتع