ولكن الحوار حول العقوبات في الإسلام لا يتوقف، ونقول لهؤلاء: هل هناك مجتمع ليس فيه تجريم أو عقوبات؟ وانظر إلى المجتمعات غير الدينية، ألا توجد بها جرائم وعقوبات؟ إن كل مجتمع إنما يحمي نفسه بتوصيف الأفعال التي تعتبر جرائم، ويضع لها عقوبات، ولا عقوبة إلا بتجريم، ولا تجريم إلا بنص.
إذن: فكل دولة وكل مجتمع لا بد أن تكون فيه عقوبات، وإلا أصبحت الحياة فوضى يستحيل معها العيش في أمان. فإذا كان حاكم أي دولة بسيطة قد وضع تجريماً وعقوبات، وهو يحكم فيما لا يملك، أفليس لله أن يضع التوصيف لما يرى أنه جرائم، وأن يُشرِّع العقوبة الملائمة لكل جريمة، وهو سبحانه يحكم فيما يملك؟ وإذا كان سبحانه قد حكم بقطع يد هو خالقها؛ فهو أراد ذلك ليمنع ملايين الأيدي من أن تمتد إلى مال الغير.
ولذلك يجب ألا تطول الفترة بين تنفيذ العقوبة ووقت وقوع الجريمة؛ لأن الذي يتعب الناس في الدنيا، هو طول الإجراءات والأخذ والرد، فينسى النساس الجريمة، وتأخذهم الشفقة والرحمة بالمجرم، مع أنه لو وُقِّعتْ العقوبة فور حدوث الجريمة؛ لما طلب أحد الرأفة بالمجرم.
والحق تبارك وتعالى يقول:{ياأيها النبي جَاهِدِ الكفار والمنافقين واغلظ عَلَيْهِمْ} وقد عرفنا كيف يكون الجهاد مع الكافرين، فماذا يكون الجهاد مع المنافقين وهم الذين يتظاهرون بالإيمان؟