نقول: إن الجهاد معهم هو توقيع العقاب عليهم، وقد كان المنافقون يرتكبون الإثم، ويسألهم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، فينكرونه، فيصفح عنهم، ويوضح الحق سبحانه لرسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: اغلظ عليهم إذا ارتكبوا إثماً، وقد وجدنا في سورة التوبة أن المنافقين يحلفون كذباً في كثير من الأمور، فيذكر الحق سبحانه:{وَيَحْلِفُونَ بالله إِنَّهُمْ لَمِنكُمْ وَمَا هُم مِّنكُمْ ... }[التوبة: ٥٦]
وفي سورة المجادلة يقول سبحانه:{وَيَحْلِفُونَ عَلَى الكذب وَهُمْ يَعْلَمُونَ} فكأنما كلما حلفوا صدَّقهم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وعفا عنهم، ففضحهم الله بأنهم كاذبون، وطلب من رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أن يُغلظ عليهم في العقوبة. ولكن هل غلظة الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ معهم تعفيهم من عقاب الآخرة؟ نقول: لا لأن الغلظة عليهم في الدنيا لضمان سلامة حركة الحياة، وليعلم كل منافق أنه مفضوح من الله. ولكن هذا لا يعفي من عذاب الآخرة.
ولذلك يقول الحق سبحانه وتعالى:{وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ المصير} والمصير هو المرجع الأخير لأي شيء، وكل عقوبة يكون لها مظنة ألا تمتد إلى الفترة المقررة لها، فالذي عاقب قد يعفو، وقد يخرج الإنسان قبل انتهاء مدة العقوبة؛ كأن يكون هناك إفراج صحي، أو بقضاء ثلاثة أرباع