وبمجرد أن ينطقوا يعرفهم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من طريقة نطقهم. ولكن الله يريد أن يُخرج رسوله إلى المؤمنين به وبرسالته سليم الصدر، بدون انقباض عن أحد، حت يتجلى نوره على الجميع، ولعل شعاعاً من النور يمسُّ منافقاً؛ فيتوب إلى الله ويعود إلى الإيمان الصحيح، كما حدث لكثير من المنافقين، فقد أعلن بعضهم التوبة وحَسُنَ إسلامهم.
ونحن نعرف أن رأس المنافقين عبد الله بن أبيّ بن سلول، كان سيُتوَّج ملكاً على المدينة. وأثناء الإعداد لمهرجان التتويج؛ فوجئوا بوصول رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مهاجراً إلى المدينة. وكان هذا من أسباب حقد عبد الله بن أبيّ على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فقد ضاع منه الملْك. وكان لعبد الله بن أبيّ ولد أسلم وحَسُن إسلامه اسمه عبد الله بن عبد الله بن أبيّ. وكان من حُسْن إسلام هذا الابن أنه ذهب إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ؛ حين علم أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ سيأمر بقتل أبيه؛ لأنه قال في غزوة من الغزوات. {لَئِن رَّجَعْنَآ إِلَى المدينة لَيُخْرِجَنَّ الأعز مِنْهَا الأذل}[المنافقون: ٨]
وكان ابن أبيّ يعني ب «الأعز» المنافقين في المدينة؛ وب «الأذل» المسلمين من المهاجرين والأنصار. ورد الله سبحانه بأن صدَّق على قوله أن الأعز سيُخرج الأذل، فقال الحق سبحانه وتعالى:{وَلِلَّهِ العزة وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ... }[المنافقون: ٨]