يضبط، وقد يحاكم وتقطع يده، لو تأكد من هذا فلن يسرق أبداً. ولكنه يقوم بالسرقة لأنه يعتقد أنه سيفلت من العقاب. وما من لص خطط لسرقة وفي باله أنه سيضبط، بل يكون متأكداً أنه سيسرق ويفلت.
ولذلك قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ:«لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن»
لأنه ساعة يزني لو تخيل أو تأكد أنه سيُلْقى في النار جزاء ما فعل، فلن يقدم على الزنا أبداً. وكذلك شارب الخمر لا يمكن أن يضع الكأس في فمه. إذا تخيل النار وهو يُعذَّب فيها. ولكن الغفلة عن الإيمان تحدث لحظة ارتكاب المعصية؛ لأن الإيمان يقتضي أن تستحضر العقوبة ساعة تُقدِم على المعصية، وأن تعلم يقيناً أن كل ما تفعله ستُحاسب عليه في الآخرة، وسيكون هناك جزاء.
فإذا ضحكت من مطلوبات الإيمان فلابد أن تبكي في الآخرة. فإن فرحت - مثلاً - بترك الصلاة أو الزكاة، واعتقدت أنك قد غنمت في الدنيا، فلا بد أن تندم ويصيبك الغمُّ في الآخرة. وإذا تنعمت بمال حرام فلا بد أن تُعذب به في الآخرة. والحق سبحانه يقول:{إِنَّ الذين أَجْرَمُواْ كَانُواْ مِنَ الذين آمَنُواْ يَضْحَكُونَ وَإِذَا مَرُّواْ بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ وَإِذَا انقلبوا إلى أَهْلِهِمُ انقلبوا فَكِهِينَ}
[المطففين: ٢٩ - ٣١]
هكذا يعطينا الله عدة صور من السخرية التي يتعرض لها المؤمنون في الدنيا، وأولى هذه الصور هي ضحك المنافقين والكفار من المؤمنين، كأن يقول أحدهم لإنسان مؤمن يقوم إلى الصلاة: خذنا على جناحك في الآخرة. ثم بعد ذلك يأتي الغمز واللمز، ثم إذا ذهب المنافق إلى أهله