للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أخذ يسخر من الطائعين ويقول: لقد فعلت كذا وكذا لإنسان متدين. وسخرت منه ولمن لم يستطع أن يرد. ويشعر بالسرور وهو يحكي القصة فرحاً بما عمل. وينسى أنه قد ارتكب ثلاثة جرائم: جريمة العمل، وجريمة الفرح بالعمل، وجريمة الإخبار بالعمل. فلو أنه سخر من المؤمن، ثم ندم بعد ذلك، ربما كانت عقوبته هيِّنة. ولكن ما دام قد فرح بذلك تكون له عقوبة أكبر، فإذا انقلب إلى أهله يروي لهم ما حدث، وهو فخور مسرور تكون له عقوبة ثالثة.

وليتهم توقفوا عند ذلك بل اتهموا المؤمنين بالضلال؛ مصداقاً لقوله تعالى: {وَإِذَا رَأَوْهُمْ قالوا إِنَّ هؤلاء لَضَالُّونَ وَمَآ أُرْسِلُواْ عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ} [المطففين: ٣٢ - ٣٣]

أي: أنهم زادوا على كل هذا باتهام المؤمنين بالضلال. هذا ما صنعوه في الدنيا. وهي فانية وعمرها قليل. ثم يأتي سبحانه وتعالى بالمقابل في الآخرة؛ فيقول: {فاليوم الذين آمَنُواْ مِنَ الكفار يَضْحَكُونَ عَلَى الأرآئك يَنظُرُونَ هَلْ ثُوِّبَ الكفار مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ} [المطففين: ٣٤ - ٣٦]

فكما ضحك الكفار من المؤمنين في الدنيا؛ سيضحك المؤمنون من الكفار في الآخرة، وسيجلس المؤمنون على الأرائك في الجنة وهم ينظرون إلى الكفار وهو يُعذَّبون في النار، أي: أن الله جزاهم بمثل عملهم مع الفارق بين قدراتهم المحدودة وقدراته - سبحانه - التي لا حدود لها.

ولم يقل الحق سبحانه وتعالى: «سيضحكون» ككلام خبري، يجوز أن يحدث أو لا يحدث، بل جاء به مُؤكداً. وقوله هنا في المنافقين {فَلْيَضْحَكُواْ} . يعني: أن الضحك لابد أن يحدث؛ لأن هذا كلام من الله سبحانه وتعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>