يُلحقَه بالصالحين. وإذا قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ هذا الكلام، ودعا بهذا الدعاء، فإن دعوة رسول الله مستجابة من الله. وهكذا حرمهم الله سبحانه وتعالى من رحمة يكون الإنسان في أشد الحاجة إليها حين ينتقل من الحياة الدنيا إلى حياة البرزخ.
وقول الحق لرسوله:{وَلاَ تُصَلِّ على أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَداً} معناها نهي عن فعل لم يأت زمنه. وقوله تعالى:{وَلاَ تَقُمْ على قَبْرِهِ} أي: لا تذهب إلى قبره وتطلب له الرحمة، ولكن الحق سبحانه وتعالى قال:{وَلاَ تُصَلِّ على أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَداً} مع أن النهي عن المستقبل، أي: من مات بعد نزول هذه الآيات، فلماذا لم يقل الحق «يميت» أو «يموتوا» واستخدم الفعل الماضي {مَّاتَ} ؟ . ونقول: لأن الموت عملية حتمية مقررة عند الله ومُقدَّرة، فموعد الموت مكتوب ومعروف عند الله، وهو شيء لا يقرره الله مستقبلاً، بمعنى أن موعد الموت لا يحدد قبل حدوث بليلة أو ليلتين، ولكن الموعد قد حُدِّد وانتهى الأمر.
أما قوله الحق:{وَلاَ تُصَلِّ على أَحَدٍ مِّنْهُم} فهو يدلنا على أن هذا الأمر ليس خاصّاً بسبب، ولكنه عموم حكم، فهناك: سبب للحكم، وهناك عموم حكم. وسبب الحكم مثل الآية التي نزلت في زعيم المنافقين عبد الله ابن أبيّ، فعندما مرض عبد الله بن أبيّ مرض الموت؛ جاء ابنه عبد الله إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، وطلب منه أن يعطيه قميصه يُكفِّن فيه أباه فأعطاه، ثم سأله أن يصلي عليه، فقام رسول الله صلى الله عليه ليصلي عليه ويستغفر له. وذهب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مجاملة لابنه عبد الله بن أبيّ الذي أسلم وحَسُن إسلامه.