وعندما وقف رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بجوار عبد الله بن أبيّ، قال له:«أهلك حب يهود» ؛ لأن ابن أبيّ كان يجامل اليهود ويعاونهم، ونفاقه في الإسلام كان مجاملة لليهود وكان يُظهِر أمام اليهود الكفر، ويُظهِر أمام المسلمين الإيمان. وهنا قال ابن أبيّ: يا رسول الله، إنما أرسلت إليك لتستغفر لي ولم أرسل إليك لتؤنبني.
فاستغفر له الرسول صلى الله علهي وسلم، وهنا نزلت الآية الكريمة:{استغفر لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ الله لَهُمْ}[التوبة: ٨٠]
وطلب عبد الله بن أبيّ من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أن يهبه ثوبه لكي يُكفَّن به، فلما ذهب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إلى بيته، أرسل له الثوب الأعلى.
وقد كان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يلبس ثوبين؛ ثوباً يلي جسده وثوباً فوقه. فلما جاء ابن أبيّ الثوب الأعلى، قال: أنا أريد الثوب الذي لامس جسد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ.
انظر إلى زعيم المنافقين والذي كان يملؤه الكبرياء في حياته، كبرياء على المؤمنين؛ ها هو ذا يطلب كل هذه الطلبات ساعة احتضاره. فماذا صنع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ؟ أرسل له القميص الذي لامس جسده الشريف. وكان كل هذا إرضاء لابنه عبد الله بن عبد الله بن أبيّ.
ولم يتقبل هذا الفعل عدد المؤمنين ولم يشعروا بالارتياح، فعندما مات ابن أبيّ جاء ابنه عبد الله، وطلب من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أن يصلي عليه.