للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فالشاعر يتمنى حدوث ذلك، ولكنه لن يحدث. أما الرجاء فهو أمل يمكن أن يحدث، والرجاء له منازل ومراحل بالنسبة للنفس الإنسانية. فأنت عندما ترجو لواحد شيئاً فتقول: «عسى فلان أن يمنحك كذا» ، فأنت مُترَجٍّ، وهناك مترجّىً له، هو من تخاطبه، ومترجّىً منه، وهو من يعطي، فهذه ثلاثة عناصر.

لكن ألك ولاية على من يمنح؟ لا، لكن إن قلت: عسى أن أمنحك أنا كذا، فأنت ترجو لواحد غيرك أن تمنحه أنت، وهذا أرجى أن يتحقق. وحين تقول: «عسى أن أمنحك» فقد تقولها في لحظة إرضاء للذي تتحدث معه. ثم قد يبلغك عنه شيء يغير من نفسك، أو جئت؛ لتعطيه، فلم تجد ما تعطيه له، هنا لم يتحقق الرجاء.

لكن عندما تقول: «عسى الله أن يمنحك» ، فأنت ترجو له من الله، وهو القادر على كل شيء ولا تؤثِّر فيه أغيار، أما إذا قال الله عن نفسه: «عسى الله أن يفعل» ، فهذا أقوى وسائل الرجاء.

إذن: فنحن أمام أربع وسائل للرجاء. أن تقول: «عسى فلان أن يمنحك» أو أن تقول: «عسى أن أمنحك أنا» ، أو تقول: «عسى الله أن يمنحك» وقد يجيبني الله، أو لا يجيب دعائي، لكن حين يقول الحق: «عسى أن أفعل» فهذا هو اللون الرابع من ألوان الرجاء، وقالوا: الرجاء من الله إيجاب.

{عَسَى الله أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ} ، فهذا رجاء أن يتوب الله عليهم، أما توبة العبد فمسألة تقتضي الندم على ما فات، والرجوع إلى منهج الله،

<<  <  ج: ص:  >  >>