الحق سبحانه يريد أن يحمي أهل الفقير من أن يعلموا أن البيت الفلاني يعطي لهم زكاة، فيعاني أولاد الآخذ من المذلة أمام أولاد المعطي، ويعيش أبناء المعطي في تعال لا لزوم له. إذن: فحين يكون الوالي هو الذي يعطي فلن يكون هناك مُسْتعلٍ أو مُستعلىً عليه.
أما إن لم تكن هناك ولاية إسلامية، ولا يعلم الإنسان إلى أين ستذهب الأموال، فهنا يصبح كل إنسان أن يراعي محيط دينه وهو يخرج الزكاة وحينئذ يكون عندنا مُعْطٍ هو صاحب المال، ومال مُعْطىً، ومعطىً له هو الفقير.
وعلى من يعود قوله الحق:{تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ} ؟ السطحيون في الفهم يقولون: إنها تطهر من نأخذ منه المال، وتزكّى المال الذي نأخذ منه. لكن من يملك عمقاً في الفهم يقول: ما دامت هناك في هذه الآية عناصر، فضروري أن يعود التطهير والتزكية عليها، وإنها تطهر وتزكي المأخوذ منه صاحب المال، وكذلك تطهر وتزكي المال المأخوذ، وأيضاً تظهر وتزكي المأخوذ له وهو الفقير، لأن التطهير معناه إزالة قَذَر، والتزكية نماء.
القذارة أمر عارض على الشيء الذي نغسله ونطهره، وتنمية له بشيء عائد عليه فيزداد، وهكذا تُطهر الصدقة وتزكى عناصر الفعل كلها. والتطهير لمن يعطي، له معنى مع، والزكاة لها معنى معه؛ لأنك إن أخذت منه المال، فقد يكون قد ل وأدخل في ماله شيئاً فيه شبهة، فالصدقة والزكاة تطهران هذا المال.