{بِأَنَّ لَهُمُ الجنة يُقَاتِلُونَ} فمن يقاتل: إما أن يَقْتل وإما أن يُقْتَل، وفي قراءة الحسن يقدم الثانية على الأولى، ويقول:«فيُقْتَلُون ويَقْتُلوُنَ» ؛ فالمسألة صفقة بمقتضى قوله:{بِأَنَّ لَهُمُ الجنة} لذلك يُقدم قتلهم، وهو الأقرب لمعنى الصفقة. وأيضاً فإن المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً؛ وإذا ما جاء المؤمنون في جانب؛ والكفار في جانب آخر فالمؤمنون بنيان، والحق هو القائل:{إِنَّ الله يُحِبُّ الذين يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ}[الصف: ٤]
فإذا ما سبق قوم من المؤمنين بأن يُقْتَلوا، فكأن الكل قُتل. إذن: فحين قتل بعض المؤمنين، يمكننا أن نقرأ قول الحق على قراءة الحسن ونقول:«فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ» .
أو: أنهم حينما دخلوا إلى القتال وضعوا في أنفسهم أن يقتلوا، ولم يغلبوا جانب السلامة.
وكلنا نعرف قصة الصحابي الذي قال لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: أليس بيني وبين الجنة إلا أن ألقى هؤلاء فيقتلوني؟ قال له:«نعم» فأخرج الصحابي تمرة كانت في فمه، ودخل إلى القتال وكأنه يستعجل الجنة.