وإن جاء لهم بخير فخيره موقوت، وبحسب إمكاناتهم، ولكن حبهم لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عن أنفسهم يأتي لهم بالخير الثابت الدائم الذي يتناسب مع قدرة الله سبحانه.
ثم يقول سبحانه:{ذلك بِأَنَّهُمْ لاَ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ} و {ذلك} إشارة إلى حيثيات الترغيب التي يأخذون بها الجزاء الطيب من الحق سبحانه بأنهم {لاَ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ} ، ونعلم أن الظمأ قد أصابهم في جيش العسرة لدرجة أن المقاتل كان يذبح البعير، ويصفي الماء الذي في معدته لِيبُلَّ ريقه، وريق زملائه.
{وَلاَ نَصَبٌ} والنَّصَب: هو التعب، وكانت الغزوة في جو حار مرهق.
{وَلاَ مَخْمَصَةٌ} أي: المجاعة، وقد كانوا يأكلون التمر الذي أصابه الدود، والشعير الذي انتشر فيه السوس. وإن كاناو قد عانوا من كل ذلك فهو في سبيل الله القادر على أن يمُنَّ عليهم بكل خير جزاء لما يقدمونه في سبيل نصرته.
{وَلاَ يَطَأُونَ مَوْطِئاً يَغِيظُ الكفار} نعلم أن الكفار كان لهم رقعة من الأرض يتمركزون فيها، فحين يغير عليهم المؤمنون ويزحزحونهم عن هذا المكان، وينزلون إلى الوديان والبساتين التي يملكها الكفار، فهذا أمر يغيظ أهل الكفر، إذن: فهم حين يطأون موطئاً، فهذا يغيظ الكفار.
{وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلاً} أي: يأخذون من عدوٍّ منالاً، والمعنى: أن يقهروا العدو فيتراجع ويشعر بالخسران، حينئذ يأخذون الجزاء الخيِّر من الله، وكل ما حدث أن الظمأ والنصب والمخمصة ووطء موطء يغيظ الكفار والنيل من عدوهم نيلاً. كل واحدة من هذه الأحداث لها جزاء يحدده الحق:{إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ} .
إذن: فالذين رغبوا عن رسول الله بأنفسهم ولم بخرجوا للغزوة قد