للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المعنويات، ونعرفها بالفعل، فإذا قلت: حَسَبَ يَحسِب؛ فالمعنى عَدَّ. وإذا قلت: حَسِبَ يَحسَب؛ فهي للظن.

وفيه ماضٍ وفيه مضارع، إن كنت تريد العد الرقمي الذي لا يختلف فيه أحد تقول: «حَسَبَ بفتح السين في الماضي وبكسرها في المضارع يَحسِب» . وإن أردت بها حسبان الظن الذي يحدث فيه خلل تقول: «حَسِبَ» بالكسر، والمضارع «يَحْسَبُ» بالفتح.

وعندما يتكلم الحق سبحانه وتعالى عن حساب الآخرة، فمعنى ذلك أنه شيء محسوب، لكن إذا بولغ في المحسوب يكون حسبانا، وكما نقول: «غفر غفراً» و «شكر شكراً» ، يمكن أن نقول: «غفر غفراناً» و «شكر شكراناً» . كذلك «حسب حسباناً» ، والحسبان هو الحساب الدقيق جداً الذي لا يخطئ أبداً. ولذلك يأتي الحق سبحانه وتعالى بكلمة «حسبان» في الأمور الدقيقة التي خلقت بقدر ونظام دقيق؛ إن اختل فيها شيء يحدث خلل في الكون، فيقول: {الرحمن عَلَّمَ القرآن خَلَقَ الإنسان عَلَّمَهُ البيان الشمس والقمر بِحُسْبَانٍ} [الرحمن: ١٥]

أي أن الكون يسير بنظام دقيق جداً؛ لا يختل أبداً، لأنه لو حدث أدنى خلل في أداء الشمس والقمر لوظيفتيهما؛ فنظام الكون يفسد. لذلك لم يقل الحق: «الشمس والقمر بحساب» ، وإنما قال: {بحسبان} وبعد ذلك فيه فرق بين «الحسبان» و «المحسوب بالحسبان» ؛ والحق سبحانه وتعالى حينما يقول: {فَالِقُ الإصباح وَجَعَلَ اليل سَكَناً والشمس والقمر حُسْبَاناً} [الأنعام: ٩٦]

<<  <  ج: ص:  >  >>