لم يقل: بحسبان، لأنها هي في ذاتها حساب وليست محسوبة، أي أن حسابها آلي.
وتأتي الكلمة بصورة أخرى في سورة الكهف في قوله تعالى:{وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَاناً مِّنَ السمآء}[الكهف: ٤٠]
المعنى هنا شيء للعقاب على قدر الظلم.
تماما هذه هي مادة الحساب. .
وقولهم:{حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَآ} في ظاهرها أبلغ من قولهم: {نَتَّبِعُ مَآ أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَآءَنَآ} لكن كل من اللفظين مناسب للسياق الذي جاء فيه ف {اتبعوا} يناسبها {نَتَّبِعُ مَآ أَلْفَيْنَا} وقوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ} يناسبها قولهم: {حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَآ} ؛ يعني كافينا ما عندنا ولا نريد شيئا غيره.
ومن هنا نفهم لماذا جاء الحق في آية البقرة بقوله:{اتبعوا} ، وفي آية المائدة:{تَعَالَوْاْ} ، وجاء جوابهم في سورة البقرة:{بَلْ نَتَّبِعُ} ، وفي سورة المائدة:{حَسْبُنَا} .
وهناك خلاف ثالث في الآيتين: ففي آية البقرة قال: {أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً} . وفي آية المائدة قال؛ {أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ شَيْئاً} . الخلاف في {لاَ يَعْقِلُونَ} و {لاَ يَعْلَمُونَ} .
وما الفرق بين «يعقلون» و «يعلمون» ؟ . إن «يعقلون» تعني ما ينشأ عن فكرهم وتدبرهم للأمور، لكن هناك أناس لا يعرفون كيف يعقلون، ولذلك يأخذون القضايا مسلماً بها كعلم من غيرهم الذي عقل.
إذن فالذي يعلم أقل منزلة من الذي يعقل، لأن الذي عقل هو إنسان قد استنبط، وأما الذي علم فقد أخذ علم غيره. وعلى سبيل المثال، فالأمي الذي أخذ حكما من الأحكام هو قد علمه من غيره، لكنه لم يتعقله، إذن فنفي العلم عن