إن الكذب من عندكم أنتم، فإن كنتم تكذبونني وتدَّعون أني أقول إن هذا من الله، وهو ليس من الله، وتتمادون وتُكذِّبون بالآيات وتقولون هي من عندك، وهي ليست من عندي، بل من عند الله؛ فالإثم عليكم.
والكذب إما أن يأتي من ناحية القائل، وإما من ناحية المستمع، وأراد الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عدالة التوزيع في أكثر من موقع، مثلما يأتي القول الحق مبيِّناً أدب النبوة:
{وَإِنَّآ أَوْ إِيَّاكُمْ لعلى هُدًى أَوْ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ}[سبأ: ٢٤] وليس هناك أدب في العرض أكثر من هذا، فيبين أن قضيته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وقضيتهم لا تلتقيان أبداً، واحدة منهما صادقة والأخرى كاذبة، ولكن من الذي يحدد القضية الصادقة من الكاذبة؟ إنه الحق سبحانه.
وتجده سبحانه يقول على لسان رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ:{أَوْ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ} وفي ذلك طلب لأن يعرضوا الأمر على عقولهم؛ ليعرفوا أي القضيتين هي الهدى، وأيهما هي الضلال.
وفي ذلك ارتقاء للمجادلة بالتي هي أحسن من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ.