أي: كل واحدة سيُسأل عن عمله، فجريمتك لن أسأل أنا عنها، وجريمتي لا تُسأل أنت عنها. ونسب الإجرام لجهته ولم يقل:«قل لا تُسألون عما أجرمنا ولا نُسأل عما تجرمون» وشاء ذلك ليرتقي في الجدل، فاختار الأسلوب الذي يُهذِّب، لا ليهيِّج الخصم؛ فيعاند، وهذا من الحكمة؛ حتى لا يقول للخصم ما يسبب توتره وعناده فيستمر الجدل بلا طائل.
وهنا يقول الحق سبحانه:{فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افترى عَلَى الله كَذِباً} فإذا كان الظلم من جهتي؛ فسوف يحاسبني الله عليه، وإن كان من جهتكم؛ فاعلموا قول الحق سبحانه:{إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ المجرمون} ولم يحدد من المجرم، وترك الحكم للسامع.
كما تقول لإنسان له معك خلاف: سأعرض عليك القضية واحكم أنت، وساعة تفوضه في الحكم؛ فلن يصل إلا إلى ما تريد. ولو لم يكن الأمر كذلك لما عرضت الأمر عليه.
ويقول الحق سبحانه من بعد ذلك:{وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ الله مَا لاَ يَضُرُّهُمْ}