شيء سبق الزمان الذي نزل فيه، فهو يتكلم في الماضي الذي لم يكن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من أهل الاطلاع والتعلم ليعرفه ويعلمه.
وكذلك خرق القرآن الكريم حجب الحاضر الذي عاصر نزوله، هذا الحاضر الذي قد يكون محجوباً بالمكان.
وأضرب هذا المثال ولله المثل الأعلى فقد يحدث حادث في الإسكندرية في نفس الوقت الذي تكون أنت فيه موجوداً بالقاهرة، وأنت تعلم هذا الحدث؛ لأنه محجوب عنك ببعد المكان، وحاجز المكان يتمثل غالباً في الأمور الحاضرة، أما أمور المستقبل فهي محجوبة عنا بالزمان والمكان معاً.
وحين يخبرنا القرآن الكريم بحدث ماضٍ لم يشهده رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، ولم يتعلمه، ولم يقرأ عنه؛ إذن: فالقرآن إنما يخرق أمامنا حجاب الزمن الماضي. وإذا أخبر القرآن بحدث حاضر في غير مكان نزوله على سيدنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، فهذا خرق لحجاب المكان مثل قول الحق سبحانه:
{وَيَقُولُونَ في أَنفُسِهِمْ لَوْلاَ يُعَذِّبُنَا الله بِمَا نَقُولُ}[المجادلة: ٨] .
وحين سمع المنافقون والكفار هذا القول الكريم، لم ينكروا أنهم قالوا في أنفسهم ما جاء به القرآن، وهكذا خرق القرآن حاجز المكان في أنفسهم هم.
إذن: فأخبار الغيب في القرآن إما خَرْقٌ لزمان ماضٍ أو خرق لزمان الحال، وإما خرق الزمان ومكان الاستقبال.
ونحن نعلم أن القرآن كان ينزل والمسلمون ضعاف، لا يستطيعون حماية أنفسهم، ولا أحد يجير على أحد، ويتجه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إلى الطائف