أي: اطمئنوا إلى حكمه؛ لأنه لا ينطق عن هوى فليس في نفسه ما يريد تحقيقه إلا دعوة الخلق إلى حُسْن عبادة الخالق سبحانه.
وقد يقول قائل: ولكن الحق عَزَّ وَجَلَّ عدَّل للرسول بعضاً من الأحكام.
ونقول: لقد كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يجتهد ببشريته فيما لم يُنزِل الله فيه حُكْماً، وحين يُنزِل الله حُكْماً، فهو صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ينزل على أمر الله تعالى، ولم يكن رسول الله صلى الله عليه سلم يحكم حتى فيما اجتهد فيه عن هوى، بل حكم بما رآه عدلاً، وحين يُنزِل الحق سبحانه وتعالى حُكْماً مغايراً فهو يبلغ المسلمين ويُعدِّل من الحكم.
إذن: فالتعديل للحكم هو قمة الأمانة مع البلاغة عن الله سبحانه وتعالى، ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قد أقبل على الحكم في أمر لم ينزل فيه حكم من الله، فهو قد حكم بما عنده من الرأي، فيبلغ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ الحكم من الله، والذي عدَّل له ليس مساوياً له بل هو خالقه.
ثم إن الذي أخبرنا أن الله سبحانه قد عدَّل له هو النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، فهل يوجد مَنْ يُضعِف مركز كلمته، ويبلغ أن الحكم الذي صدر منه قد عُدِّل له؟ ولكن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ الذي استقبل الوحي تحلّى بأمانة البلاغ عن الله، وهو الذي نقل لنا عتاب ربه له.