كذلك أمر الحق سبحانه وتعالى اليمَّ بإلقاء التابوت، وفي داخله موسى للساحل، ولذلك فيقين أم موسى في أن أوامر الله لا تتخلف، جعلها تسارع في تنفيذ ما أمرها الله به.
والحق سبحانه يريد أن يُربِّبَ الإيمان، أي: يزيده في قلوب عباده، فَهَبْ أن الله قضى بقضية أو أمر بأمر، ثم لم يأت الكون على وفق ما أمر الله، فماذا يكون موقف الناس؟
فما دام رب العزة سبحانه قد قال فلا بد أن يحدث ما أمر به، فعندما يقول الحق سبحانه:{وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الغالبون}[الصافات: ١٧٣] .
فلا بد أن تكون الغلبة لجنود الله، فإذا ما غُلبوا فافهموا أن شرط الجندية لله قد تخلَّف، وأن عنصراً من عناصر الجندية قد تخلف وهو الطاعة.
ومثال هذا: الذين خالفوا أمر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ في البقاء على الجبل يوم أحد، إنهم خالفوا أمر الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، فماذا يحدث لو أنهم انتصروا مع هذه المخالفة؟
إذن: فقد انهزم المسلمون الذين اختلت فيهم صفة من صفات جنديتهم لله.
ولا بد أن تلتقي القضيتان: القرآنية والكونية؛ لأن قائل القرآن هو صاحب سنن الكون سبحانه وتعالى.
ولأن أهل مدين هنا قد أعلنوا الكفر؛ فلا بد أن يأتيهم العذاب.
وسمَّى الحق سبحانه هنا العذاب بالصيحة؛ وقال:
{وَأَخَذَتِ الذين ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ}[هود: ٩٤] .