أن معاوية أمسك بقميص عثمان بن عفان طلباً للثأر من علي، فقيل «قميص عثمان» رمزاً لإخفاء الهدف عن العيون، وكان هدف معاوية أن يحكم بدلاً من علي بن أبي طالب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهم أجمعين.
وهنا يقول الحق سبحانه:
{وَجَآءُو على قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ}[يوسف: ١٨] ، وكأن القميص كان معهم، ووضعوا عليه دماً مكذوباً، لأن الدم لا يكذب، إنما كذب من جاء بدم الشاة ووضعه على القميص.
وشاء الحق سبحانه هنا أن يُعطي الوصف المصدري للمبالغة؛ وكأن الدم نفسه هو الذي كذب؛ مثلما تقول «فلان عادل» ويمكنك أن تصف إنساناً بقولك «فلان عَدْل» أي: كأن العدل تجسَّد فيه، أو قد تقول «فلان ذو شر» ، فيرد عليك آخر «بل هو الشر بعينه» ، وهذه مبالغة في الحديث.
وهل كان يمكن أن يُوصف الدم بأنه صادق؟
نقول: نعم، لو كان الذئب قد أكل يوسف بالفعل؛ وتلوَّث قميص يوسف بدم يوسف وتمزق. ولكن ذلك لم يحدث، بل إن الكذب يكاد يصرخ في تلك الواقعة ويقول «أنا كذب» .
فلو كان قد أكله الذئب فعلاً؛ كان الدم قد نشع من داخل القميص لخارجه؛ ولكنهم جاءوا بدم الشاة ولطخوا به القميص من الخارج.