وبالله، لو أن الذئب قد أكله فعلاً، ألم تكُنْ أنيابه قد مزَّقَتْ القميص؟
وحين انكشف أمرهم أمام أبيهم؛ أشار أحدهم خفية للباقين وقال لهم همساً: قولوا لأبيكم: إن اللصوص قد خرجوا عليه وقتلوه؛ فسمع يعقوب الهمس فقال: اللصوص أحوَجُ لقميصه من دمه؛ وهذا ما تقوله كتب السير.
وهذا ما يؤكد فراسة يعقوب، هذه الفراسة التي يتحلى بها أيُّ محقق في قضية قتل؛ حين يُقلِّب أسئلته للمتهم وللشهود؛ لأن المحقق يعلم أن الكاذب لن يستوحي أقواله من واقع؛ بل يستوحي أقواله من خيال مضطرب.
ولذلك يقال:«إن كنت كذوباً فكُنْ ذَكُوراً» .
ويأتي هنا الحق سبحانه بما جاء على لسان يعقوب:
{بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ والله المستعان على مَا تَصِفُونَ}[يوسف: ١٨] .
«والسَّوَل» : هو الاسترخاء؛ لأن الإنسان حين تكون أعصابه