كُلُّ المؤمنين في صِلَة الرَّحم؛ لأن كل المؤمنين رَحِم مُتداخِل؛ فإذا كان لك عَشْرة من المؤمنين تَصِلهم بحكم الرَّحِم؛ وكل مؤمن يَصل عشرة مثلك، انظر إلى تداخل الدوائر وانتظامها؛ ستجد أن كل المؤمنين يدخلون فيها.
ولذلك نجد الحق سبحانه يقول في الحديث القدسي:«أنا الرحمن؛ خلقت الرحم، واشتققت لها اسماً من اسمي؛ فمن وصلها وصلته؛ ومن قطعها قطعته» .
وقد رَويْتُ من قَبْل قصةً عن معاوية رَضِيَ اللَّهُ عَنْه؛ فقد جاء حاجبه ليعلن له أن رجلاً بالباب يقول: إنه أخوك يا أمير المؤمنين.
ولابد أن حاجبَ معاوية كان يعلم أن معاوية بن أبي سفيان لا إخوةَ له، لكنه لم يَشَأْ أنْ يتدخَّل فيما يقوله الرجل؛ وقال معاوية لحاجبه: ألاَ تعرف إخوتي؟ فقال الحاجب: هكذا يقول الرجل. فأذِنَ معاويةُ للرجل بالدخول؛ وسأله: أي إخوتي أنت؟ أجاب الرجل: أخوك في آدم. قال معاوية: رَحِم مقطوعة؛ والله لأكون أوَّلَ من يَصلها.
والتقى الفضيل بن عياض بجماعة لهم عنده حاجة؛ وقال لهم: من أين أنتم؟ قالوا: من خُراسان. قال: اتقوا الله، وكونوا من حيث شِئْتم.