وقد أمرنا سبحانه أن نَصِلَ الأهل أولاً؛ ثم الأقارب؛ ثم الدوائر الأبعد فالأبعد؛ ثم الجار، وكُلُّ ذلك لأنه سبحانه يريد الالتحام بين الخلق؛ ليستطرق النافع لغير النافع، والقادر لغير القادر، فهناك جارك وقريبك الفقير إنْ وصلْتَه وصلَك الله.
ولذلك يأمر الحق سبحانه رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ومِنْ خلاله يأمر كل مؤمن برسالته:{قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ المودة فِي القربى ... }[الشورى: ٢٣]
وقال بعض مَنْ سمعوا هذه الآية: قُرْباك أنت في قُرْباك.
وقال البعض الآخر: لا، القربى تكون في الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ؛ لأن القرآن قال في محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ:{النبي أولى بالمؤمنين مِنْ أَنْفُسِهِمْ ... }[الأحزاب: ٦]
وهكذا تكون قرابة الرسول أولى لكل مؤمن من قرابته الخاصة.
يستمر قول الحق سبحانه في وصف أُولِي الألباب:{ ... وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الحِسَابِ}[الرعد: ٢١]
والخشية تكون من الذي يمكن أن يُصيب بمكروه؛ ولذلك جعل الحق هنا الخشية منه سبحانه؛ أي: أنهم يخافون الله مالكهم وخالقهم ومُربِّيهم؛ خوف إجلال وتعظيم.