وهذا صَبْر الذَّات على الذات. ولكن هناك صَبْر آخر؛ صبر منك على شيء يقع من غيرك؛ ويُخرِجك هذا الشيء عن استقامة نفسك وسعادتها.
وهو ينقسم إلى قسمين: قسم تجد فيه غريماً لك؛ وقسم لا تجد فيه غريماً لك.
فالمرض الذي يُخرِج الإنسان عن حَيِّز الاستقامة الصِّحية ويُسبِّب لك الألم؛ ليس لك فيه غريم؛ لكنك تجد الغريم حين يعتدي عليك إنسانٌ بالضرب مثلاً؛ ويكون هذا الذي يعتدي عليك هو الغريم لك.
وكل صبر له طاقة إيمانية تحتمله؛ فالذي يَقْدر على شيء ليس فيه غريم؛ يكون صَبْره معقولاً بعض الشيء؛ لأنه لا يوجد له غريم يهيج مشاعره.
أما صبر الإنسان على أَلم أوقعه به مَنْ يراه أمامه؛ فهذا يحتاج إلى قوة ضَبْط كبيرة؛ كي لا يهيج الإنسان ويُفكِّر في الانتقام.
ولذلك تجد الحق يفصل بين الأمرين؛ يفصل بين شيء أصابك ولا تجد لك غريماً فيه، وشيء أصابك ولك من مثلك غريمٌ فيه.
ويقول سبحانه عن الصبر ليس لك غريم فيه:{ ... واصبر على مَآ أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأمور}[لقمان: ١٧]
ويقول عن الصبر الذي لك فيه غريم، ويحتاج إلى كَظْم الغيظ، وضبط الغضب: