إن ذلك لا يتأتى إلاَّ من إله هو الله؛ وهو الذي أخبر محمداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بهذا الخبر:{سَيُهْزَمُ الجمع وَيُوَلُّونَ الدبر}[القمر: ٤٥]
وقد طمأنَ هذا القولُ القومَ الذين اتبعوا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ الذي لا يعلم الغيب، ولا يعلم الكيفية التي يموت عليها أيُّ كافر وأيُّ جبار؛ وهو صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يخبرهم بها وهُمْ في منتهى الضَّعْف.
وهذا الإخبار دليل على أن رصيده قويّ عند علاَّم الغيوب.
إذن: فقول الحق سبحانه: { ... أَلاَ بِذِكْرِ الله تَطْمَئِنُّ القلوب}[الرعد: ٢٨]
يعني: أن القلوب تطمئن بالقرآن وما فيه من أخبار صادقة تمام الصدق، لتؤكد أن محمداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مُبلِّغ عن ربِّه؛ وأن القرآن ليس من عند محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بل هو من عند الله.
وهكذا استقبل المؤمنون محمداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وصَدَّقوا ما جاء به؛ فها هي خديجة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها وأرضاها لم تكُنْ قد سمعت القرآن؛ وما أنْ أخبرها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بمخاوفه من أنَّ ما يأتيه قد يكون جناً، فقالت:«إنك لتَصِلُ الرَّحِم، وتحمل الكَلَّ، وتَكسِب المعدوم، وتَقْري الضَّيْف، وتُعينَ على نوائب الحق، واللهِ ما يخزَيك الله أبداً» .