وكانت تلك كلها مسائل يتلكَّكُونَ بها ليبتعدوا عن الإيمان؛ فالرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قد جاء بمعجزة من جِنْس ما نَبِغُوا فيه؛ وجاء القرآن يَحْمِل منهج السماء إلى أنْ تقومَ الساعة.
وقد طلبوا أنْ تبتعد جبال مكة ليكونَ الوادي فسيحاً؛ ليزرعوا ويحصدوا؛ وطلبوا تقطيع الأرض، أي: فَصْل بقعة عن بقعة؛ وكان هذا يحدث بِحَفْر جداول من المياه، وقد قال الكافرون:{لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حتى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأرض يَنْبُوعاً}[الإسراء: ٩٠]
والمراد من تقطيع الأرض حسب مطلوبهم أن تقصُرَ المسافة بين مكان وآخر، بحيث يستطيع السائر أنْ يستريح كل فَتْرة؛ فالمسافر يترك في كل خطوة من خطواته أرضاً؛ ويصل إلى أرض أخرى، وكُلٌّ يقطع الأرض على حَسْب قدرته ووسيلة المواصلات التي يستخدمها.
فالمُتْرَف يريد أن يكون المسافة كبيرة بين قطعة الأرض والأخرى؛ لأنه يملك الجِيَاد التي يمكن أن يقطع بها المسافة بسهولة، أما مَنْ ليس لديه مطية؛ فهو يحب أن تكون المسافات قريبة ليستطيع أنْ يستريح.
ونلحظ أن ذلك في زماننا المعاصر، فحين زادَ الترف صارتْ السيارات تقطَع المسافة من القاهرة إلى الإسكندرية دون توقُّف؛ عَكْس ما كان يحدث قديماً حين كانت السيارات تحتاج إلى راحة ومعها المسافرون بها، فيتوقفون في مُنتصَفِ الطريق.