ومرة يأتي الحق سبحانه بالمصدر الأصلي الذي يُصدِر الأمر لِملَكِ الموْت بمباشرة مهمته.
وهنا في الآية الكريمة نجد قول الحق سبحانه:{وُعِدَ المتقون ... }[الرعد: ٣٥]
وهي مَبْنية لِمَا لم يُسَمّ فاعله؛ فالوعد منه سبحانه. «ونعلم أن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَعِد أيضاً، فها نحن قد جاء إلينا خبر بيعة العقبة؛ حين أخذ البيعة من الأنصار، وقالوا له: خُذْ لنفسك، فأخذ لنفسه ما أراد، ثم قالوا له: وماذا نأخذ نحن إنْ أدَّيْنَا هذا؟ فقال لهم:» لكم الجنة «.
وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ذلك؛ لأن العمل الذي فعلوه؛ لا يكفيه أجراً إلا الجنة، ومن المعقول أن أيَّ واحد من الذين حضروا العقبة قد يتعرض للموت من بعد معاهدة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، فلو أنه وعدهم بِمَا في الدنيا من متاع قد يأخذه البعض فيما بعد؛ فالذي يموت قبل هذا لابُدَّ أن يدرك شيئاً مِمّا وعد الرسول مَنْ عاهدوه؛ ولذلك أعطاهم ما لا ينفد، وهو الوَعْد بالجنة.
والحق سبحانه هنا في الآية التي نحن بصدد خواطرنا عنها يقول:{مَّثَلُ الجنة ... }[الرعد: ٣٥]