أي: أنه يضرب لنا المَثَل فقط؛ لأن الألفاظ التي نتخاطَبُ بها نحن قد وُضِعتْ لِمَعان نعرفها؛ وإذا كانت في الجنة أشياء لم تَرَها عَيْنٌ ولم تسمعها أُذنٌ، ولم تخطر على بال بشر؛ فمنَ المُمْكِن أن نقول إنه لا توجد ألفاظ عندنا تؤدي معنى ما هناك، فيضرب الله الأمثال لنا بما نراه من الملذَّات؛ ولكن يأخذ منها المُكدِّرات والمُعكِّرات.
وهكذا نعرف أن هناك فارقاً بين» مثل الجنة «وبين» الجنة «، فالمَثَل يعطيني صورة أسمعها عن واقع لا أعلمه؛ لأن معنى التمثيل أن تُلحِق مجهولاً بمعلوم لِتأخذَ منه الحكم.
مثلما تقول لصديق: أتعرف فلاناً؛ فيقول لك:» لا «. فتقول له:» إنه يشبه فلاناً الذي تعرفه «.
وأنت تفعل ذلك كي تشبه مجهولاً بمعلوم؛ لتأتي الصورة في ذِهْن سامعك.
ويقول الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ شرحاً لما أجمْله القرآن:{وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الأنفس وَتَلَذُّ الأعين ... }[الزخرف: ٧١]
ويضيف صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «فيها مَا لاَ عَيْن رأتْ، ولا أُذن سمعتْ، ولا خَطر على قَلْب بشرٍ» .