وقد ترك الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ تلك المهمة لمَنْ يخلفونه، ودعا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ الجزيرة العربية تحت لواء «لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله» بعد أن كانت قبائل متعددة.
كل قبيلة كانت لا تُلزِم نفسها بعبادة إله القبيلة الأخرى؛ وكل قبيلة لا تلزم نفسها بتقنين القبيلة الأخرى، ولم يجمعهم أبداً شَمْل، ولا استيطانَ لهم إلا في بعض القُرَى، ذلك أن أغلبهم من البَدْو الرُّحَّل؛ كل واحد منهم يحمل بيته الخيمة على ظهر بعيره، ويمشي بحثاً عن الكلأ والماء لأغنامه وماشيته.
فلم يكن عندهم انتماء وطني؛ فضلاً عن القبائل التي كانت تتقاتل فيما بينها في تارات عنيفة، وامتدت الحرب فيما بين بعض القبائل إلى أربعين عاماً في بعض الأحيان.
استطاع صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أن يُوظِّف ما كانوا عليه من تدريب وعَتَاد وعُدَّة لِنُصْرة دين الله؛ فحين إعداده للغزوات أو اختياره للسرايا كان يجد المقاتلين في كامل لياقتهم.
وحين استدعاهم إلى الحرب لم يُجْر لهم تدريبات؛ فقد كان الكل مُدرَّباً على القتال.
وهكذا صارتْ القبائل أمة واحدة بعد أن جمعهم محمد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ في وحدة التكامل العقدي تحت راية الإسلام، وهذه الأمة الأمية، قال فيها الحق سبحانه:{هُوَ الذي بَعَثَ فِي الأميين رَسُولاً مِّنْهُمْ ... }[الجمعة: ٢]