أي: أنهم لم يكتفوا بحُبِّ الدنيا على الآخرة فقط، ولم يكتفُوا بالسَّيْر في طريق الشهوات والملذَّات وتخريب ذواتهم، بل تمادَوْا في الغي وصَدُّوا غيرهم عن سبيل الله.
ونجد الحق سبحانه يقول في موقع آخر:{لِمَ تَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ الله مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجاً ... }[آل عمران: ٩٩] .
كأنهم ضَلُّوا في ذواتهم؛ ولم يكتفوا بذلك، بل يحاولون إضلال غيرهم ويصدونهم عن الهداية.
ثم تأتي مرحلة جديدة:
{وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً ... }[إبراهيم: ٣] .
أي: يبغون شريعة الله مُعْوجة لتحقق لهم نزواتهم. وهكذا نجد ثلاث مراتب للضلال، استحباب الحياة الدنيا على الآخرة؛ والصَّد عن سبيل الله؛ وتشويه المنهج كي يُكِّرهوا الناس فيه.
ويصف الحق سبحانه هؤلاء:
{أولئك فِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ}[إبراهيم: ٣] .
أي: أن أصحاب المرتبة في الضلال هم مَن استحبَّوا الحياة الدنيا على الآخرة، والذين توغَّلوا في الضلال أكثرَ فهم الذين يصدون عن سبيل الله؛ أما الذين توغلَّوا أكثر فأكثر فَهُم الذين يُشوِّهون في منهج الله لتنفير الناس منه، أو ليحقق لهم نزواتهم، وهكذا ساروا إلى أبعد منطقة في الضلال.