وهذا يدل على أن السماوات والأرض مخلوقة على هيئة ثابتة، وقد جعل ذلك مدارسَ الفلسفة تستقبل تلك القضية استقبالين؛ استقبالَ مَنْ يريد أنْ يؤمن؛ واستقبال مَنْ يريد أنْ يكفرَ. وانقسم مَنْ أرادوا الكفر إلى فريقين.
الفريق الأول: أخذ من ثبات قوانين الشمس والقمر والأرض دليلاً على أنه لايوجد خالق لهذا الكون، وقالوا: لو أن هناك خالقاً له لغيّر من هيئة السماوات والأرض، ولكن كُل من تلك الكواكب تدير نفسها بآلية ذاتية مُحْكمة.
والفريق الثاني مِمَّن أرادوا الكفر قال: إن الشذوذ في الكون ووجود خَلَل وعيوب خَلقية في بعض من المخلوقات والأنواع؛ دليلٌ على أنه لا يوجد إله. فكيف يخلق إلهٌ مخلوقاً أعمى؛ وآخر أعرجَ؛ وثالثاً بعين واحدة؟
وهكذا أخذ هذا الفريق من أهل الكفر وجود الشذوذ في الكون كدليل على عدم وجود إله.
ومن العجيب أن الفريق الذي أراد التغيير في هيئة السماوات والأرض؛ أراد ذلك كدليل على وجود خالق، والفريق الذي رأى أن هناك شذوذاً في بعض المخلوقات أخذ ثبات الخَلْق على هيئة واحدة كدليل على وجود إله.