كل ذلك يدُّلنا على أن الفريقين قد أخذاَ من قضيتين متعارضتين دليلاً على الكفر، ولم يتفق الفريقان على قضية واحدة، وهذا يوضح التناقض بينهما.
ولو أمعن كل من الفريقين النظر لَعلم كلٌّ منهما أن الإيمان ضرورة أساسية لِفهْم هذا الكون على ثباتَ ما فيه؛ وعلى وجود بعضٍ من الشذوذ فيَه.
فأنت يا مَنْ تنتظر ثباتاً في الأكوان خُذْ ثبات آلية الحركة في السماوات والأرض والشمس والقمر دليلاً على الإيمان بوجود خالق إله قادر.
وأنت يا مَنْ تأخذ التغيُّر في الخلق دليلاً على وجود خالق؛ فها أنت ترى اختلاف بعض المخلوقات ما يجعلك تعثر على عدم التماثل في المخلوقات دليلاً على وجود إله خالق له طلاقة القدرة.
وأوضح الحق سبحانه لنا أنه لم يخلق السماوات والأرض لعبة؛ بل خلقهما بالحق، وهناك فارق بين اللعبة والحق، فاللعبة قد يتوصل إليها مَنْ يعبث بشيء؛ فتخرج له صُدْفة يستخدمها هو أو غيره كَلُعبة.
يقول الحق:{خَلَقَ السماوات والأرض بالحق تعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ}[النحل: ٣] .
أما الخلق بالحق؛ فهذا يعني أن مَنْ يخلقها إنما يفعل ذلك بموازين دقيقة مُحْكمة؛ ويصنعها على نظام ثابت له قضية تحكمه من الحكمة والحق.
وما دام الكون الأعلى ثابتاً؛ فإن الحق سبحانه هو الذي خلق