وهكذا كانت هاتان المدرستان مختلفتين؛ ومتعارضتين؛ ولكنهما يؤديان إلى الإلحاد.
ونرد على المدرستين قائلين: يا من تأخذ ثبات النظام دليلاً على وجود إله؛ فهذا الثبات موجود في الكون الأعلى. ويا من تأخذ الشذوذ دليلاً على وجود خالق؛ فهو موجود في الكائنات الأدنى؛ ولو حدث الشذوذ في الكائنات الأعلى لَفسدت السماوات والأرض.
وقد شاء الحق سبحانه أن يوجد الشذوذ لوجه في الأفراد؛ فواحد يكون شاذاً؛ والباقي الغالب يكون سليماً.
وهكذا يكون الشذوذ في الأفراد غيرَ مانع لقضية وجود خالق أعلى، وإذا أردت ثبات النظام فانظر إلى الكون الأعلى؛ كي تعلم أنه لا يوجد للإنسان مَدْخل في هذا الأمر.
وهكذا نجد أن الحق سبحانه قد سخّر لنا الليل والنهار؛ وهما من الأعراض الناتجة عن تسخير الشمس والقمر؛ وكلاً من الشمس والقمر دائبين، يمشي كل منهما في حركته مشياً لا تنقطع فيه رتابة العادة. ونضبط أوقاتنا على هذا النظام الرتيب الدقيق، فنحدد - على سبيل المثال - أوائل الفصول ومواسم الزراعة؛ ومواقيت الصلاة.
وإذا نظرتَ إلى أيِّ اختلال قد ينشأ من بعض الظواهر؛ فاعلم أن ذلك قد نشأ من تدخُّل الإنسان المُخْتار المُسْتخلفَ في الأرض؛ والمثال هو مشكلة ثُقْب طبقة الأوزون الموجودة في الغلاف الجوي، والتي قد نشأت من تجاربنا التي نلهث فيها من أجل تحسين حياتنا على الأرض.