وهكذا ارتكبوا ذنوب الكذب وعدم الأمانة، ولم يحفظوا الكتب الحاملة لمنهج الله كما أنزلها الله على أنبيائه ورُسله السابقين على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ.
ولذلك لم يَشَأ الحق سبحانه أن يترك مهمة حفظ القرآن كتكليف منه للبشر؛ لأن التكليف عُرْضة أن يطاع وعُرْضة أنْ يُعصى، فضلاً عن أن القرآن يتميز عن الكتب السابقة في أنه يحمل المنهج، وهو المعجزة الدالة على صِدْق بلاغ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ في نفس الوقت.
ولذلك قال الحق سبحانه:{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذكر وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}[الحجر: ٩]
والذِّكْر إذا أُطلِق انصرف المعنى إلى القرآن؛ وهو الكتاب الذي يحمل المنهج؛ وسبحانه قد شاء حِفْظه؛ لأنه المعجزة الدائمة الدالة على صدق بلاغ رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ.
وكان الصحابة يكتبون القرآن فَوْرَ أن ينزل على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، ووجدنا في عصرنا من هم غير مؤمنين بالقرآن؛ ولكنهم يتفنّنون في وسائل حفْظه؛ فهناك مَنْ طبع المصحف في صفحة واحدة؛ وسخَّر لذلك مواهب أُناسٍ غير مؤمنين بالقرآن.
وحدث مثل ذلك حين تَمّ تسجيل المصحف بوسائل التسجيل المعاصرة. وفي ألمانيا على سبيل المثال توجد مكتبة يتم حِفْظ كل ما يتعلق بكل آية من القرآن في مكان مُعيّن مُحدّد.
وفي بلادنا المسلمة نجد مَنْ ينقطع لحفظ القرآن منذ الطفولة، ويُنهي حِفْظه وعمره سبع سنوات؛ وإنْ سألته عن معنى كلمة يقرؤها فقد لا يعرف هذا المعنى.