وجاء هذا القول من الله للملائكة ساعةَ خَلْق الله لآدم، من قبل أن تبدأ مسألة نزول آدم للأرض.
وقد أخذتْ مسألة خَلْق الإنسان جدلاً طويلاً من الذين يريدون أن يستدركوا على القرآن متسائلين: كيف يقول مرة: إن الإنسان مخلوق من ماء؛ ومرة من طين؛ ومرة من صلصال كالفخار؟
ونقول: إن ذلك كله حديث عن مراحل الخَلْق، وهو سبحانه أعلم بمَنْ خلق، كما خلق السماوات والأرض، ولم يُشهِد الحق أحداً من الخلق كيف خلق المخلوقات:{مَّآ أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السماوات والأرض وَلاَ خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ المضلين عَضُداً}[الكهف: ٥١]
ومن رحمته سبحانه أنه ترك في مُحسَّات الحياة وماديتها ما يُثبِت صِدْقه في غيبيّاته؛ فإذا قال مرّة: إنه خلق كل شيء من الماء؛ فهو صادق فيما قال؛ لأن الماء يُكوِّن أغلبَ الجسد البشري على سبيل المثال.
وإذا أوضح أنه خلق الإنسان من طين، فالتراب إذا اختلط بالماء صار طيناً، وإذا مرّ على الطين وقتٌ صار صلصالاً، وإذا قال:{فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ}[الحجر: ٢٩]