للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإذا شاء أمراً جزئياً فهو يقول له: كُنْ فيكون، وإذا أراد منهجاً؛ فهو يُنزله، وإذا أراد حساباً وعقاباً وساعةً؛ فهو القائل {أتى أَمْرُ الله} وهكذا نفهم أن معنى {أَمْرُ الله} هو {كُنْ فَيَكُونُ} أي: إخراج المعدوم إلى حَيِّز الوجود؛ سواء أكان معدوماً جزئياً، أو معدوماً كلياً، أو معدوماً أزلياً.

وكُلّ ذلك اسمه أمر، ولحظةَ أنْ يأمرَ الله؛ فنحن نَثِقُ أن مأمور الله يبرز؛ ولذلك قال سبحانه: {إِذَا السمآء انشقت وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ} [الانشقاق: ١ - ٢] .

أي: أنها لم تسمع الأمر فقط؛ بل نفّذتْه فَوْر صدوره؛ دون أَدْنى ذرة من تخلُّف، فأمْر الله يُنفَّذ فَوْر صدوره من الحق سبحانه، أما أَمْر البشر فهو عُرْضَة لأنْ يُطَاع، وعُرْضَة لأنْ يُعصَى.

وسبحانه يُنزِّل الملائكة بالرُّوح على مَنْ يشاء لِيُنذِروا؛ ولم يَأْتِ الحق سبحانه بالبشارة هنا؛ لأن الحديث مُوجّه للكفار في قوله: {أتى أَمْرُ الله فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ ... } [النحل: ١] .

ونزَّه ذاته قائلاً:

{سُبْحَانَهُ وتعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [النحل: ١] .

أو: أن الحق يُنبّه رسوله، إنْ دخلتَ عليهم فُفسِّر لهم مُبْهَم ما لا يعرفون. وهم لا يعرفون كيفية الاصطفاء. وهو الحق الأعلم بمَنْ يصطفي.

<<  <  ج: ص:  >  >>