الإيمان، وإن رهبت ولم ترغب فإيمانك ناقص أيضاً، لذلك لابد من تلازم الاثنتين: الرهبة والرغبة. ولو تبصّر الإنسان ما فرضه الله عليه من تكاليف إيمانية لوجد أنه يفيد من هذه التكاليف أضعافاً مضاعفة. فكل ما يجازي به الله عباده إنما هو الفضل، وهو الزيادة. وكل رزق للإنسان إنما هو محض الفضل. ومحض الفضل يُرجى ولا يُتيقن. وها هو ذا الحق يقول:{ادعوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ المعتدين وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأرض بَعْدَ إِصْلاَحِهَا وادعوه خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ الله قَرِيبٌ مِّنَ المحسنين}
[الأعراف: ٥٥ - ٥٦]
إن الدنيا كلها مسخرة تحت قهر الرحمن ومشيئته وتسخيره، وله تمام التصرف في كل الكائنات وهو الخالق البديع، لذلك فليدع الإنسان الله بخشوع وخضوع في السر والعلانية، والحق لا يحب من يعتدي بالقول أو الرياء أو الإيذاء.
إن الإيمان يجب أن يكون خالصا لله، فلا يفسد الإنسان الأرض بالشرك أو المعصية؛ لأن الحق قد وضع المنهج الحق لصلاح الدنيا وهو القرآن، ورسالة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، ورحمة الله قريبة من المطيعين للحق جل وعلا.
إن عظمة الرب في أنه يُرغب ويُرهب؛ إن رغبت فيه ولم ترهبه فعملك غير مقبول، وإن رهبته ولم ترغبه فعملك غير مقبول. إن الرغب والرهب مطلوبان معاً، لذلك فالمؤمن المجاهد في سبيل الله يرجو رحمة الله.
والحق يقول:{أولائك يَرْجُونَ رَحْمَتَ الله} ما هي الرحمة؟ الرحمة ألا تبتلى بالألم من أول الأمر، والحق سبحانه وتعالى يقول:{وَنُنَزِّلُ مِنَ القرآن مَا هُوَ شِفَآءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ}[الإسراء: ٨٢]