بقارئ فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني وقال: اقرأ. فقلت: ما أنا بقارئ. فأخذني الثالثة فغطني ثم أرسلني فقال:{اقرأ باسم رَبِّكَ الذي خَلَقَ خَلَقَ الإنسان مِنْ عَلَقٍ اقرأ وَرَبُّكَ الأكرم الذى عَلَّمَ بالقلم عَلَّمَ الإنسان مَا لَمْ يَعْلَمْ} فرجع بها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يرجف فؤاده فدخل على خديجة بنت خويلد رَضِيَ اللَّهُ عَنْها فقال لها:» زملوني. زملوني «. فزملوه حتى ذهب عنه الروع، فقال لخديجة وأخبرها الخبر:» لقد خشيت على نفسي «لكن خديجة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها بحسن استنباطها تقول:» كلا والله لا يخزيك الله أبدا إنك لتصل الرحم وتحمل الكل وتكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق «» .
إن خديجة رضوان الله عليها تستنبط أن من فيه هذه الخصال إنما هو مهيأ للرسالة. {لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ}[التوبة: ١٢٨]
أي محب لكم يشق عليه ويتعبه ما يشق عليكم ويتعبكم؛ ولذلك كان الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مشغولا بأمته. ويروي عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أنه قال:«أمتي. أمتي. أمتي» . والحق سبحانه وتعالى يعلم أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مشغول بأمته. «عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ تلا قول الله عَزَّ وَجَلَّ في إبراهيم {رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِّنَ الناس فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي. .} الآية. وقال عيسى عليه السلام:{إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ العزيز الحكيم} فرفع يديه وقال: اللهم أمتي أمتي وبكى. فقال الله عَزَّ وَجَلَّ:» يا جبريل اذهب إلى محمد وربك أعلم فسله ما يبكيك. فأتاه جبريل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ فسأله فأخبره رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بما قال وهو أعلم فقال الله: يا جبريل اذهب إلى محمد فقل: إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوؤك «» .