هذا حوار يدور يوم القيامة بعد أن انتهتْ المسألة وتكشفتْ الحقيقة، وجاء وقت المصارحة والمواجهة. يقول الشيطان لأوليائه مُتنصلاً من المسئولية: ما كان عندي من سلطان عليكم، لا سلطان حجة تقنعكم أنْ تفعلوا عن رضاً، ولا سلطان قَهْر أجبركم به أن تفعلوا وأنتم كارهون، أنا فقط أشرتُ ووسوستُ فأتيتموني طائعين. {مَّآ أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَآ أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ. .}[إبراهيم: ٢٢] .
أي: نحن في الخيبة سواء، فلا أستطيع نجدتكم، ولا تستطيعون نجدتي؛ لأن الصُّراخَ يكون من شخص وقع في ضائقة أو شدة لا يستطيع الخلاص منها بنفسه، فيصرخ بصوت عالٍ لعله يجد مَنْ يُغيثه ويُخلِّصه، فإذا ما استجاب له القوم فقد أصرخوه. أي: أزالوا سبب صُرَاخه.
إذن: فالمعنى: لا أنا أستطيع إزالة سبب صراخكم، ولا أنتم تستطيعون إزالة سبب صُرَاخي.
وكذلك في حوار آخر دار بين أهل الباطل الذين تكاتفوا عليه في الدنيا، وها هي المواجهة يوم القيامة:{وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَّسْئُولُونَ مَا لَكُمْ لاَ تَنَاصَرُونَ بَلْ هُمُ اليوم مُسْتَسْلِمُونَ وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَسَآءَلُونَ قالوا إِنَّكُمْ كُنتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ اليمين قَالُواْ بَلْ لَّمْ تَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُمْ مِّن سُلْطَانٍ بَلْ كُنتُمْ قَوْماً طَاغِينَ}[الصافات: ٢٤ - ٣٠] .
والمراد بقوله:(عَنِ اليَمِينِ) أن الإنسان يزاول أعماله بكلتا