ولكن حينما يُوسوِسُ الشيطان لك بشهوة فوجد منك مقاومة وقدرة على مجابهته صرف نظرك إلى أخرى؛ لأنه يريدك عاصياً بأيِّ شكل من الأشكال، فتراه يُزيِّن لك معصية أخرى وأخرى، إلى أنْ ينال منك ما يريد.
ومن ذلك ما نراه في الرشوة مثلاً والعياذ بالله فإنْ رفضتَ رشوة المال زيَّن لك رشوة الهدية، وإنْ رفضتَ رشوة الهدية زيَّنَ لك الرشوة بقضاء مصلحة مقابلة.
وهكذا يظل هذا اللعين وراءك حتى يصل إلى نقطة ضَعْف فيك، إذن: فهو ليس كالنفس يقف بك عند شهوة واحدة، ولكنه يريد أن يُوقِع بك على أيِّ صورة من الصور.
ولكي نقفَ على مداخل الشيطان ونكون منه على حَذر يجب أنْ نعلم أن الشيطان على علم كبير وصل به إلى صفوف الملائكة، بل سَمَّوه «طاووس الملائكة» ، ويمكن أن نقف على شيء من علم الشيطان في دِقّة قَسَمه، حينما أقسم للحق تبارك وتعالى أن يُغوي بني آدم، فقال:{فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ المخلصين}[ص: ٨٢ - ٨٣] .
هكذا عرف الشيطان أنْ يُقسِم القسَم المناسب، فلم يَقُلْ: بقوتي ولا بحجتي سأغوي الخَلْق، بل عرف لله تعالى صفة العزة، فهو سبحانه عزيز لا يُغلب؛ لذلك ترك لخلْقه حرية الإيمان به، فقال:{فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْ}[الكهف: ٢٩] .