للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فعلَى الداعية إذن أن يتحلى بالحكمة والموعظة الحسنة، وأن يجادلهم بالتي هي احسن، فإذا ما تعدَّى أمرُهم إلى الاعتداء على الداعية، إذا ما استشرى الفساد وغلبت شراسة الطباع، فسوف نحتاج إلى أسلوب آخر، حيث لم يَعُدْ يُجدي أسلوب الحكمة.

ولا بُدَّ لنا أن نقفَ الموقف الذي تقتضيه الرجولة العادية، فضلاً عن الرجولة الإيمانية، وأن يكون لدينا القدرة على الرد الذي شرعه لنا الحق سبحانه وتعالى، دون أن يكون عندنا لَدَد في الخصومة، أو إسراف في العقوبة.

فجاء قوله تعالى:

{وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ. .} [النحل: ١٢٦] .

وفي الآية تحذير أن يزيدَ الردّ على مثله، وبذلك يتعلم الخصوم أنك خاضع لمنهج رباني عادل يستوي أمامه الجميع، فهم وإن انحرفوا وأجرموا فإن العقاب بالمثل لا يتعداه، ولعل ذلك يلفتهم إلى أن الذي أمر بذلك لم يطلق لشراسة الانتقام عنانها، بل هَدَّأَها ودعاها إلى العفو والصفح، ليكون هذا أدعى إلى هدايتهم.

وهذا التوجيه الإلهي في تقييد العقوبة بمثلها قبل أن يتوجه إلى أمته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ توجّه إليه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ في تصرُّف خاص، لا يتعلق بمؤمن على عموم إيمانه، ولكن بمؤمن حبيب إلى رسول الله، وصاحب منزلة عظيمة عنده، إنه عمه وصاحبه حمزة بن عبد المطلب سيد الشهداء رَضِيَ اللَّهُ عَنْه.

فقد مثَّل به الكفار في أُحُد، وشقَّتْ هند بطنه، ولاكت كبده،

<<  <  ج: ص:  >  >>