للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نرى الكثير منا يغضب وتُثَار حفيظته إنْ كان له عدو، ويراه مصدر شرٍّ وأذى، ويتوقع منه المكروه باستمرار.

وهو مع ذلك لو استغل حكمة الله في إيجاد هذا العدو لا تنفع به انتفاعاً لا يجده في الصديق، لأن صديقك قد يُنافقك أو يُداهنك أو يخدعك.

أما عدوك فهو لك بالمرصاد، يتتبع سقطاتك، ويبحث عن عيوبك، وينتظر منك كَبْوة ليذيعها ويُسمّع بك، فيحملك هذا من عدوك على الاستقامة والبعد عما يشين.

ومن ناحية أخرى تخاف أن يسبقك إلى الخير، فتجتهد أنت في الخير حتى لا يسبقك إليه.

وما أجمل ما قاله الشاعر في هذا المعنى:

عِدَايَ لَهُمْ فَضْلٌ عليَّ ومِنَّةٌ ... فَلاَ أبعَدَ الرحْمَنُ عَنّي الأعَادِياَ

هُمُو بحثُوا عَنْ زَلّتي فَاجْتنبْتُها ... وهُمْ نَافَسُوني فاكْتَسبْتُ المعَالِيا

وهكذا نجد لكل شيء في منهج الله فائدة، حتى في الأعداء، ونجد في هذا التنافس المثمر الذي يُثري حركة الحياة دليلاً على أن منهج السماء هو الأقوم والأنسب لتنظيم حركة الحياة.

أيضاً لكي يعيش المجتمع آمناً سالماً لا بُدّ له من قانون يحفظ توازنه، قانون يحمي الضعيف من بطش القوي، فجاء منهج الله تعالى لِيُقنّن لكل جريمة عقوبتها، ويضمن لصاحب الحق حَقّه، وبعد ذلك ترك الباب مفتوحاً للعفو والتسامح بين الناس.

<<  <  ج: ص:  >  >>