غيب الناس، والبحث عن أسرارهم نهاهم أيضاً عن تتبُّع غَيْبك والبحث عن أسرارك؛ ولذلك ما أنعم الله على عبيده نعمة أعظمَ من حِفْظ الغيب عنده هو؛ لأنه ربّ، أما البشر فليس فيهم ربوبية، أمر البشر قائم على العبودية، فإذا انكشف لأحدهم غَيْبُ أخيه أو عيبٌ من عيوبه أذاعه وفضحه به.
إذن: فالحق تبارك وتعالى يدعونا إلى أن نكون طُلَعة في استنباط أسرار الكون والبحث عن غيبه، وفي الوقت نفسه ينهانا أن نكون طُلَعة في تتبّع أسرار الناس والبحث عن غيبهم؛ لأنك إنْ تتبعتَ غيب الناس والتمسْتَ عيوبهم حرمْتَ نفسك من مصادر يمكن أنْ تنتفع بها.
فالحق سبحانه يريد في الكون حركة متبادلة، وهذه الحركة المتبادلة لا تنشأ إلا بوجود نوع من التنافس الشريف البنّاء، التنافس الذي يُثري الحياة، ولا يثير شراسة الاحتكاك، كما قال تعالى:{وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ المتنافسون. .}[المطففين: ٢٦]
كما يتنافس طالب العلم مع زميله المجدّ ليكون مِثْله أو أفضل منه، وكأن الحق سبحانه يعطينا حافزاً للعمل والرُّقي، فالتنافس المقصود ليس تنافس الغِلِّ والحقد والكراهية، بل تنافس مَنْ يحب للناس ما يحب لنفسه، تنافس مَنْ لا يشمت لفشل الآخرين.
وقد يجد الإنسان هذا الحافز للمنافسة حتى في عدوه، ونحن