النظرة العَجْلَى لكنْ بينهما فَرْق في المعنى كبير، فآية الإسراء تقول:{نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم. .}[الإسراء: ٣١]
وقد أوضحنا الحكمة من هذا الترتيب: نرزقهم وإياكم.
أما في آية الأنعام:{نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ. .}[الأنعام: ١٥١]
فلا بُدَّ أن نلاحظَ أن للآية صدراً وعَجُزاً، ولا يصح أن تفهم أحدهما دون الآخر، بل لا بُدَّ أن تجمع في فَهْم الآية بين صدرها وعجزها، وسوف يستقيم لك المعنى ويُخرجك من أي إشكال.
وما حدث من هؤلاء أنهم نظروا إلى عَجُزَيْ الآيتين، وأغفلوا صَدريهما، ولو كان الصدر واحداً في الآيتين لكان لهم حق فيما ذهبوا إليه، ولكنّ صَدْري الآيتين مختلفان:
الأولى:{خَشْيَةَ إِمْلاقٍ. .}[الإسراء: ٣١]
والأخرى:
{مِّنْ إمْلاَقٍ. .}[الأنعام: ١٥١]
والفرْق واضح بين التعبيرين: فالأول: الفقر غير موجود؛ لأن الخشية من الشيء دليل أنه لم يحدث، ولكنه مُتوقَّع في المستقبل، وصاحبه ليس مشغولاً برزقه هو، بل برزق مَنْ يأتي من أولاده.
أما التعبير الثاني:{مِّنْ إمْلاَقٍ. .}[الأنعام: ١٥١]
فالفقر موجود وحاصل فعلاً، والإنسان هنا مشغول برزقه هو لا برزق المستقبل، فناسب هنا أنْ يُقدِّم الآباء في الرزق عن الأبناء.
وما دام الصَّدْر مختلفاً، فلا بُدَّ أن يختلف العَجُز، فأيْنَ التعارضُ