للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إذن؟ وهناك مِلْحَظٌ آخر في الآية الكريمة، وهو أن النهي مُخَاطَبٌ به الجمع: {وَلاَ تقتلوا أَوْلادَكُمْ. .} [الإسراء: ٣١]

فالفاعل جمع، والمفعول به جمع، وسبق أن قلنا: إن الجمع إذا قُوبل بالجمع تقتضي القسمة آحاداً، فالمعنى: لا يقتل كل واحد منكم ولده. كما يقول المعلم للتلاميذ: أخرجوا كُتبكم، والمقصود أنْ يُخرج كل تلميذ كتابه.

فإنْ قال قائل: إن الآية تنهي أنْ يقتلَ الأب ولده خَوْفاً من الفقر، لكنها لا تمنع أنْ يقتل الأبُ ولد غيره مجاملةً له، وهو الآخر يقتل ولد غيره مجاملة له.

نقول: لا. . لأن معنى الآية ألاَّ يقتل كل الآباء كل الأولاد، فينسحب المعنى على أولادي وأولاد غيري، وهذا هو المراد بمقابلة الجمع بالجمع. أما لو قُلْنا: إن المعنى: تجاملني وتقتل لي ابني، وأجاملك وأقل لك ابنك، فهذا لا يستقيم؛ لأن المقابلة هنا ليس مقابلة جمع بجمع.

وقوله تعالى: {إنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئاً كَبِيراً} [الإسراء: ٣١]

خِطْئاً مثل خطأ، وهو الإثم والذنب العظيم. وتأتي بالكسر وبالفتح كما نقول: خُذوا حِذْركم، وخذوا حَذرَكم.

وكلمة: {خِطْئاً. .} [الإسراء: ٣١]

الخاء والطاء والهمزة تدل على عدم موافقة الصواب، لكن مرة يكون عدم موافقة الصواب لأنك لم تعرف الصواب، ومرة أخرى لم توافق الصواب لأنك عرفتَ الصواب، ولكنك تجاوزْتَه.

<<  <  ج: ص:  >  >>